مقال رأي بقلم : أحمد لوكيلي
أعادت حادثة الاستهداف الأخيرة التي شنتها جبهة البوليساريو الانفصالية على منطقة المحبس إلى الواجهة النقاش حول حق المغرب في تأمين المنطقة العازلة، وذلك بالتزامن مع احتفال المغرب بالذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء.
وتبنّت الجبهة هذا الهجوم عبر بيان صادر عن ما يُعرف بـ”وزارة الدفاع الصحراوية”، في خطوة وصفت بأنها عمل إرهابي جبان يهدف إلى زعزعة الاستقرار واستفزاز المغرب، خاصةً بعد تنصل البوليساريو من اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر 2020 وعودتها إلى العمل العسكري.
في التعريف الأساسي، يُعد الإرهاب “استخدام العنف غير المشروع لترويع الآمنين وفرض الأفكار عليهم”، وهذا هو بالضبط ما تسعى إليه الجبهة الانفصالية عبر تصعيدها في المناطق الحدودية، مما يثير تساؤلات حتمية حول حق المغرب السيادي في تأمين حدوده واستعادة السيطرة الكاملة على المنطقة العازلة لردع تلك التهديدات التي لا تستهدف المغرب وحده، بل تستهدف استقرار المنطقة بأكملها.
تشير التقارير الأممية المتواترة منذ إعلان البوليساريو العودة إلى العمل العسكري إلى تصاعد مستمر في الخروقات، حيث رصدت بعثة الأمم المتحدة “المينورسو” مئات الحالات لخرق وقف إطلاق النار، معظمها تمركز في منطقة المحبس التي أصبحت بؤرة للتحركات الاستفزازية لعناصر الجبهة.
وأفادت هذه التقارير بأن القوات المسلحة الملكية المغربية قد أبلغت عن هذه الانتهاكات المتكررة، ما يعكس حجم التحدي الذي تواجهه في حماية الحدود وتفادي التصعيد.
يتفق عدد من المحللين والمتابعين للشأن الصحراوي على أن المغرب يمتلك حقًا مشروعًا في تأمين المنطقة العازلة التي تقع داخل حدوده السيادية، حيث ينص القانون الدولي على حق الدول في حماية أمنها واستقرارها ضد أي تهديد خارجي.
ومع تزايد التوترات على الحدود وتكرر الأعمال العدائية، يتزايد الضغط الشعبي والرسمي على المغرب لتعزيز حضوره العسكري والأمني في تلك المنطقة، وهو مطلب يتجدّد رفعه مع كل استفزاز أو تهديد يطال منطقة الصحراء المغربية.
يعكس هذا التصعيد الانفصالي توجهًا واضحًا لاستهداف المكاسب السياسية والدبلوماسية التي حققها المغرب في السنوات الأخيرة، وخاصةً الاعتراف الدولي المتزايد بسيادته على الصحراء. ورغم استفزازات البوليساريو المتكررة، يلتزم المغرب بضبط النفس ويستند إلى الشرعية الدولية، بينما يعمل في الوقت ذاته على الدفاع عن وحدته الترابية.
لقد أصبح من الضروري، في ضوء الأحداث الأخيرة، أن يناقش المغرب مسألة تأمين المنطقة العازلة بشكل جاد وحاسم، كخطوة استباقية لدرء أي تهديدات قد تزعزع استقرار المنطقة.
ومن شأن تعزيز التدابير الأمنية في المحبس وباقي النقاط الحدودية أن يعكس جدية المغرب في مواجهة أي محاولة لزعزعة الأمن والاستقرار، وفي نفس الوقت دعم جهوده السلمية من أجل حل دائم وشامل للقضية وفق مبادرة الحكم الذاتي التي تحظى بإجماع وطني ودعم دولي.
إن حادثة استهداف المحبس تمثل نقطة تحول قد تدفع المغرب إلى إعادة النظر في تدابيره الأمنية في المنطقة العازلة، خاصةً في ظل تصاعد الأعمال العدائية من طرف البوليساريو.
ومع التزام المغرب بالدفاع عن أراضيه ضمن إطار القانون الدولي، يتجدد النقاش حول أحقية المغرب في تأمين تلك المنطقة والرد الحازم على أي تهديد يمس سيادته وأمن مواطنيه، وهو حق سيادي يكرسه القانون الدولي، ويعد مبررًا شرعيًا أمام استمرار الاستفزازات الانفصالية التي تهدد استقرار المنطقة بأسرها.
Leave feedback about this