في خطوة تُعتبر مفصلية في مسار الإصلاحات القانونية بالمغرب، صدر القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة في الجريدة الرسمية، مما يفتح الباب أمام تغيير جذري في كيفية التعامل مع الجنح والجرائم البسيطة.
يهدف هذا القانون إلى تخفيف العبء على المؤسسات السجنية، وتعزيز العدالة التصالحية، من خلال تقديم أربعة أنواع من العقوبات البديلة: العمل من أجل المنفعة العامة، المراقبة الإلكترونية، تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، والغرامة اليومية.
رغم صدور القانون في الجريدة الرسمية، إلا أن دخوله حيز التنفيذ سيتأخر حتى إصدار النصوص التنظيمية اللازمة، وذلك في غضون سنة على الأكثر.
وتعتبر الغرامة اليومية، المنصوص عليها في الفرع الخامس من القانون، من أبرز العقوبات الجديدة، حيث يمكن للمحكمة أن تفرض على المدان دفع غرامة تتراوح بين 100 و2000 درهم عن كل يوم من مدة الحبس، شريطة وجود صلح أو تنازل بين الضحية والفاعل، وأن تكون الجريمة جنحة لا تتجاوز عقوبتها خمس سنوات سجناً، مع عدم تطبيقه على المجرمين المتكررين.
يُذكر أن القانون الجديد ينص على عدم تطبيق الغرامات اليومية على الأحداث إلا بموافقة أوليائهم، ويُمنح المحكوم عليه مهلة ستة أشهر لتسديد الغرامة، مع إمكانية التمديد لفترة مماثلة بقرار من قاضي تطبيق العقوبات.
ومن المهم الإشارة إلى أن هذه العقوبات البديلة لا تُطبق على الجرائم الخطيرة مثل تلك المتعلقة بأمن الدولة، الإرهاب، الفساد، أو الجرائم ذات الطابع الأخلاقي مثل الاستغلال الجنسي للقاصرين وذوي الإعاقة.
يُعدّ هذا القانون خطوة جدلية أثارت الكثير من النقاشات في الأوساط القانونية والمجتمعية، حيث يراه البعض تطوراً إيجابياً نحو نظام عدالة أكثر إنسانية وفعالية، فيما يتخوف آخرون من تداعياته على تنفيذ العدالة في القضايا الجنائية.
ختاماً، يبقى قانون العقوبات البديلة بمثابة محطة هامة في تطوير النظام القانوني بالمغرب، ومع انتظار صدور النصوص التنظيمية التي ستحدد كيفية تطبيقه، يبقى الأمل معقوداً على أن يسهم هذا القانون في تحقيق التوازن بين تحقيق العدالة والحد من ازدحام السجون، مع توفير آليات بديلة لإصلاح الجناة وإعادة دمجهم في المجتمع.
Leave feedback about this