مقال رأي..
في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة التي يعيشها وطننا الغالي، بات من الضروري أن نعيد النظر في المسؤوليات التي تقع على عاتق كل فرد في المجتمع.
لا شك أن السياسيين يتحملون العبء الأكبر، سواء كانوا المتسببين المباشرين في تلك الأزمات أو الذين فضلوا الصمت عن اندحار أوضاع البلاد.
إن السكوت عن مشاكل الوطن هو في حد ذاته مشاركة في تفاقمها.
- المسؤولية المشتركة بين السياسيين والمجتمع المدني :
كما أن المسؤولية لا تقتصر فقط على السياسيين، بل تشمل أيضًا المجتمع المدني، وخاصة الطبقة المثقفة والأطر التي يجب أن تكون أكثر فاعلية في مواجهة التحديات التي نعيشها.
هذه الفئات تتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية تجاه الوضع الراهن، إذ يجب عليها أن تُساهم بوعيها ومعرفتها في إيجاد حلول وتقديم اقتراحات للخروج من هذه الأزمات.
يجب علينا أن نكون صريحين ونعترف بالنقائص التي تعاني منها البلاد، وأن نسمّي الأشياء بمسمياتها.
يجب أن يكون هناك نقاش عام ومفتوح لدراسة وتحليل قضايا مجتمعنا، دون تزييف أو تهرب من المسؤولية.
فالاعتراف بالخطأ هو أول خطوة نحو الإصلاح، ويجب أن يكون هذا الاعتراف مقرونًا بإرادة حقيقية للتغيير.
- لا للمسؤولية على القاصرين…نعم لتحمل المسؤولية
في إطار لغة العقل والمنطق، لا يمكن تحميل القاصرين والشباب الذين يخاطرون بحياتهم في محاولات الهجرة غير الشرعية مسؤولية ما يحدث.
سواء كانت تلك المحاولات بدافع من جهات داخلية أو خارجية تستغلهم، أو كانت مجرد اندفاعات فردية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فإن هذا التصرف هو نتيجة مباشرة لفشل الحكومات المتعاقبة في تلبية احتياجاتهم وتوفير بدائل اقتصادية واجتماعية ملائمة.
عندما نرى أن الشباب مستعدون للمغامرة بحياتهم، فهذا مؤشر واضح على أن السياسات التي تُطبق لم تستجب لمطالب الشعب، ولم تقدم حلولاً حقيقية لأزماته.
المسؤولية هنا جماعية، ويجب أن تكون الحكومات أول من يعترف بتقصيرها في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
- الدعوة إلى التوعية وتحمل المسؤولية :
لهذه الأسباب، ندعو جميع الأطراف إلى تحمل المسؤولية الكاملة والقيام بحملات توعوية لتحذير الشباب والأطفال من تكرار هذه الأفعال الخطيرة.
يجب أن نعمل جميعًا، كأفراد وجماعات، على توجيه الشباب نحو مستقبل أفضل من خلال تقديم بدائل حقيقية تُشعرهم بالأمل وتعزز لديهم الرغبة في البناء والمساهمة في تقدم الوطن.
- الاستثمار في الإنسان قبل المشاريع :
كما أن على المسؤولين، الذين وصلوا إلى مناصبهم عبر الصناديق الانتخابية، أن يُدركوا أن رأس المال الأول الذي يجب الاستثمار فيه هو ” الإنسان “.
بدلاً من استيراد فلسفات وأفكار من الغرب أو الشرق، يجب أن نعمل على تطوير مشاريع تناسب خصوصيات وطننا وأبنائنا، الذين يتمتعون بقدرات ومواهب مميزة لا مثيل لها في العالم.
إننا بحاجة إلى استراتيجيات وطنية تعزز قدرات الأفراد وتفتح أمامهم آفاقًا جديدة لتحقيق النجاح داخل وطنهم.
في الختام، يجب أن نتذكر جميعًا المثل المغربي الشهير: “ما عمر القط يهرب من دار العرس”.
هذا المثل يعبر عن حقيقة لا يمكن إنكارها؛ لا أحد يترك بيته ووطنه إلا إذا ضاقت به السبل.
لذلك، علينا جميعًا، سواء كنا مسؤولين أو أفرادًا في المجتمع، أن نعمل على خلق بيئة أفضل تكون فيها الفرص متاحة للجميع، ويشعر فيها كل فرد بأن وطنه هو المكان الذي يحقق فيه أحلامه وطموحاته.
Leave feedback about this