سبتمبر 22, 2025
أحداث أهم الأخبار جميع الفئات دولية فِكر و آراء مقالات مميزة نداء

” قصة ثريا ” مأساة كشفت الظلم وفضحت تكالب الشر

“الرجم” لم يكن مجرد عقوبة نفذت على شابة بريئة تُدعى ثريا، بل كان مرآة لواقع مرير كشف زيف الأخلاق المغلفة بجلباب الدين وسوء استغلال السلطة الذكورية في المجتمعات المغلقة.

فيلم “The Stoning of Soraya M.” يروي لنا قصة مستوحاة من واقع مؤلم، تجسدت فيه جميع أشكال الظلم والخيانة والتآمر، لكنه في الوقت نفسه يؤكد أن العدل الإلهي لا يترك مظلومًا دون أن ينصفه ولو بعد حين.

بدأت القصة برغبة زوج ثريا في التخلص منها دون أن يتحمل مسؤولية الإنفاق عليها وعلى بناته. لم يجد هذا الزوج وسيلة أفضل من إلصاق تهمة الخيانة بها، مستغلًا ضعف القانون وعادات القرية المغرقة في الجهل والظلم. تواطأ مع أركان السلطة الدينية والقضائية في قريته، حيث لعب الشيخ حسن، إمام القرية، والقاضي إبراهيم، أدوارًا رئيسية في تنفيذ هذه الجريمة تحت غطاء الدين .

الثمن الذي دفعته ثريا لم يكن فقط حياتها، بل كرامتها، بعد أن أدلى “هاشم”، الرجل الذي كانت تعمل لديه وترعى طفله اليتيم، بشهادة زور ضدها.

هاشم نفسه كان ضحية للتهديد، فقد خشي أن يُترك ابنه يتيم الأب، مما أجبره على الانصياع لمطالب أشرار القرية.

في ظل هذا الظلام، كانت زهرة، خالة ثريا، شعلة أمل وصوتًا للحق. حاولت زهرة تحذير ثريا من الكمين المدبر، لكن جهل المجتمع وتواطؤ القادة جعلها عاجزة عن إنقاذها.

ومع ذلك، لم تتوقف عن المحاولة. اتهمها الأشرار بالجنون، محاولين إسكات صوتها ونزع الشرعية عن كلامها، لكنها لم تصمت.

لعب القدر دوره عندما توقف صحافي في القرية لإصلاح سيارته. استضافته زهرة وروت له القصة كاملة، وسجل روايتها في شريط صوتي.

لم يكن الصحافي مصدقًا في البداية، لكنه سرعان ما واجه بنفسه بطش رجال القرية الذين فتشوه ومزقوا شريطًا خاطئًا، معتقدين أنهم قضوا على دليل الجريمة. لكن ذكاء زهرة أنقذ الشريط الحقيقي، ليحمل الصحافي معه القصة إلى العالم.

تمكن الصحافي من الهروب، وحملت رواية ثريا للعالم رسالة عن الظلم والفساد. نُشرت القصة في كتاب حقق شهرة عالمية، وكُتب لفيلم “The Stoning of Soraya M.” أن يكون شاهدًا على مأساة أليمة تسلط الضوء على مصير النساء في المجتمعات التي تسودها الجهل والتعصب.

قصة ثريا ليست استثناءً، بل تمثل العديد من النساء والرجال الذين ذهبوا ضحايا لتكالب الأشرار وتواطؤ الأعراف مع الفساد. كم من مظلوم في العالم لم يُسمع صوته؟ وكم من “زهرة” قاومت بشجاعة، لكن لم تجد من ينقل قصتها؟

“وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ” (إبراهيم: 46). رغم كل الظلم الذي تعرضت له ثريا، إلا أن عدل السماء كشف المستور وفضح كل ظالم. لكل قرية فرعون، لكن لكل فرعون موسى. ما دام هناك ظلم، سيكون هناك حق ينصف المظلومين.

قصة ثريا ستبقى شاهدة على ما يمكن أن يفعله الجهل والتعصب إذا وجدا طريقًا إلى السلطة. لكنها أيضًا تذكرنا بأن العدل الإلهي، وإن تأخر، لا يغيب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *